فقد السودان اليوم أحد أبرز رموزه الوطنية والقبلية، برحيل الأمير الناظر عبد القادر منعم منصور، إمير عموم قبائل دار حمر، الذي انتقل إلى جوار ربه بمدينة النهود، بعد رحلة طويلة حافلة بالعطاء والثبات والمواقف المشرّفة.
رحل الأمير عبد القادر بعد معاناة قاسية عاشها في الأسر منذ اجتياح المليشيات داره في الأول من مايو الماضي، إذ ظلّ صامدًا رغم تدهور حالته الصحية وبلوغه من العمر عتيًّا، رافضًا كل أشكال المساومة أو الخضوع لمن حاولوا كسر إرادته. ظلّ متمسكًا بمبدأه حتى الرمق الأخير، كما كان أبوه من قبل، ثابتًا على الحق، شامخًا لا يلين.
يروي المقربون أنه حين عرضوا عليه المبايعة والمهادنة، أجابهم بصلابة نادرة: “إن كان والدي قد قُتل في فروته ثابتًا على مبدأه، فأنا جاهز إن شئتم فافعلوها.” فاختار الصمود على المساومة، والإباء على التراجع، حتى أسلم الروح مرفوع الرأس، بعدما حُرم من العلاج والرعاية.
الأمير الراحل لم يكن زعيمًا قبليًا فحسب، بل رمزًا للكرامة والوطنية والحكمة، وصوتًا للحق وسط عواصف الفتن. ترك أثرًا بالغًا في محيطه الاجتماعي والإنساني، وكان حاضنًا لأهله، ناصحًا لأبنائه، قريبًا من الجميع بحكمته وحنكته.
روى أحد المقربين منه ذكرياته معه قائلًا: “كنت فخورًا به منذ دخولي كلية الطب وحتى تخرجي منها، وكان دائم السؤال عني، يناديني دائمًا ‘بنتي الدكتورة’. كنت أزوره كابنة في المقام الأول ثم كطبيبة في المقام الثاني، وكان دائم التعريف بي أمام الحضور بفخر واعتزاز.”
بفقده، خسر السودان قامة وطنية شامخة، وأحد أمراء السودان الحكماء الذين جمعوا بين الصبر والشجاعة والتمسك بالمبدأ حتى النهاية.
رحم الله الأمير عبد القادر منعم منصور، وغفر له، وجعل مثواه الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وألهم أسرته وذويه، وعلى رأسهم الأمير منعم عبد القادر منعم، الصبر والسلوان.
التدوينة الأمير الناظر عبد القادر منعم منصور في ذمة الله ظهرت أولاً على المقال نيوز.
