زاد في الآونة الأخيرة البحث عن الشاعر مصلح بن عياد الحارثي، أحد أبرز أعلام الشعر النبطي في الخليج، وصاحب المسيرة الطويلة التي امتدت لما يزيد عن أربعة عقود من الإبداع والمواجهة الشعرية.
لم يكن مجرد شاعر محاورة عابر، بل رمز شعبي استثنائي حمل الشعر في دمه وتوارثه من جذور قبيلته الضاربة في عمق التاريخ.
الشاعر مصلح بن عياد الحارثي ويكيبيديا
في عام 1375هـ، الموافق لعام 1956م، أبصر مصلح بن عياد الحارثي النور في قرية الحارثية التابعة لمحافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة.
ولد ونشأ في بيئة قبلية محافظة، حيث تجتمع الفروسية بالشعر، والمجالس البدوية بالحكايات المتوارثة.
لم يكن الشعر بالنسبة له ترفًا ثقافيًا، بل كان أشبه بلهجة الحياة اليومية، وشريان الروح الممتد من الأجداد.
البدايات.. شاعر في ميدان القلطة
انطلقت مسيرته الشعرية فعليًا في منتصف السبعينات الهجرية، وتحديدًا بين عامي 1395هـ و1396هـ، حين بدأ يشارك في “القلطة”، وهو واحد من أصعب ألوان الشعر الشعبي، إذ يعتمد على الارتجال والمواجهة اللحظية بين الشعراء.
في تلك الساحات المفتوحة، أظهر مصلح بن عياد براعة لافتة، مكّنته من الوقوف أمام كبار شعراء عصره مثل محمد السناني، وشايع الأسمري، ومحمد بن جزاء، ليحفر اسمه سريعًا بين الفطاحلة.
أسلوبه الفريد
امتاز شعر مصلح بن عياد الحارثي بالتركيب العالي، حيث لم يكن يلقي الأبيات بسطحية، بل كان يُحمّلها بالرمز والمعنى، ليختبر قدرة خصومه ومُحاوريه على الفهم والرد.
كان يمارس فنًا قائمًا على التحدي لا للجمهور فقط، بل للشاعر الذي يواجهه، حتى أصبحت المواجهات معه محطات يُنتظرها الجمهور بشغف، وتُسجّل للتاريخ.
ليس شاعر محاورة فقط
رغم أن اسمه ارتبط كثيرًا بفن القلطة، إلا أن الشاعر لم يكتفِ بهذا اللون الشعري، بل كانت له مشاركات لافتة في شعر العرضة السعودية، وهي من الفنون التراثية المرتبطة بالاحتفالات الوطنية والمناسبات الرسمية.
في الرياض، عسير، الطائف، وغيرها من المناطق، ظل اسمه حاضرًا كواحد من الرموز التي تجمع بين الأصالة والصوت الجماهيري.
النظم.. عشقه الشعري الأصيل
وفي لقاءات متفرقة، تحدث مصلح بن عياد عن حبه العميق لشعر النظم، موضحًا أنه يرى فيه الأثر الباقي، والمضمون الذي لا يضيع، حيث يُوثق في الدواوين وأشرطة التسجيل.
وقد كتب عشرات القصائد التي تتناول قضايا إنسانية واجتماعية وعاطفية، بينها قصيدته المؤثرة في زوجته، والتي لاقت انتشارًا واسعًا وأثارت تعاطفًا كبيرًا في الشارع الخليجي.
نسبه.. من الشُّلَوى أحد بطون بني الحارث
ينتمي الشاعر مصلح بن عياد إلى قبيلة الشُّلَوى، وهي أحد فروع قبيلة بني الحارث القحطانية العريقة، المعروفة بمكانتها التاريخية والاجتماعية في منطقة الحجاز، وتحديدًا بمحافظة الطائف.
وقد عُرف عن هذه القبيلة شجاعتها ومواقفها وقادتها وفرسانها، وكان من الطبيعي أن يخرج منها شاعر بقامة مصلح، يمثل امتدادًا حيًا لتراث شعري وفرساني خالد.
ظهرت المقالة الشاعر مصلح بن عياد الحارثي ويكيبيديا أولاً على أحداث العرب.
