تمرّد على الأسد واليوم يحاكم رجاله.. توفيق العليوي ثوري يفتح ملفات الدم والتعذيب – Bundlezy

تمرّد على الأسد واليوم يحاكم رجاله.. توفيق العليوي ثوري يفتح ملفات الدم والتعذيب

في مشهد غير مسبوق، وثّق مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع لحظة مثول عدد من كبار شخصيات نظام بشار الأسد السابق أمام التحقيق، من بينهم المفتي الأسبق أحمد بدر الدين حسون، والضابط الأمني عاطف نجيب، والوزير الأسبق محمد الشعار. لكن اللافت في المشهد لم يكن فقط هوية المتهمين، بل القاضي الذي تولّى التحقيق معهم: توفيق زيد العليوي، ابن مدينة الطبقة، ومن أبرز وجوه القضاء السوري الحر.

من قضاء النظام إلى الانحياز للثورة

ولد العليوي في محافظة الرقة، وينتمي إلى قبيلة الولدة، وتحديدًا إلى عشيرة البومسرة. بدأ مسيرته القضائية قبل اندلاع الثورة السورية، حيث عمل وكيلًا للنيابة في الحسكة، ثم انتقل ليشغل منصب قاضي تحقيق في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة. إلا أن نقطة التحول الكبرى في حياته المهنية والإنسانية جاءت مع بدايات الحراك الشعبي عام 2011.

ففي عام 2012، أعلن توفيق زيد العليوي انشقاقه رسميًا عن النظام السوري، رافضًا تطبيق ما يُسمى بـ”قانون مكافحة الإرهاب”، الذي أصدره بشار الأسد واستخدم كأداة لقمع المتظاهرين والمعارضين. هذا الرفض لم يكن مجرد موقف عابر، بل دفع العليوي نحو طريق مختلف كليًا، قاده لاحقًا إلى ترك الأراضي السورية مؤقتًا والتوجّه إلى تركيا.

قاضٍ حر في زمن الفوضى

لم يبتعد القاضي العليوي طويلًا عن الميدان، فقد عاد لاحقًا إلى الداخل السوري ليتولى منصب النائب العام في منطقة الباب بريف حلب الشرقي، كما شغل لاحقًا منصب قاضي التحقيق في مدينة أعزاز. وخلال سنوات نشاطه ضمن ما عُرف بـ”القضاء الحر”، سعى العليوي إلى ترسيخ مفاهيم العدالة واستقلال القضاء، في بيئة معقدة تشهد تداخلاً بين قوى عسكرية وفصائلية.

وقد أكدت مصادر حقوقية أن العليوي كان من القلائل الذين أصرّوا على سيادة القانون المدني، ورفض التدخلات الفصائلية أو التعطيل الأمني لمسار العدالة، وهو ما عزز حضوره كممثل لتيار قضائي يحاول ترميم ثقة السوريين بمؤسساتهم المهدّمة.

العدالة تُستعاد.. تحقيقات مع رموز النظام

اليوم، وبعد مرور أكثر من عقد على انطلاق الثورة السورية، يعود العليوي ليتصدر المشهد القضائي مجددًا، لكن هذه المرة بصفته محققًا مع وجوهٍ طالما اعتبرها السوريون فوق القانون. ففي أحد مقاطع الفيديو التي أحدثت ضجة واسعة، ظهر القاضي وهو يتولّى التحقيق مع مجموعة من كبار مسؤولي النظام السابق، في مقدمتهم أحمد حسون، وعاطف نجيب، ومحمد الشعار، ضمن إطار المحاكمات التي تشرف عليها الدولة السورية الجديدة.

وتُعدّ هذه المحاكمات – التي يشارك فيها العليوي – جزءًا من خطة أوسع لمحاسبة المتورطين في جرائم القتل والتعذيب والفساد إبان العقود الماضية، في محاولة لبناء مستقبل أكثر عدلاً وشفافية.

سيرة قاضٍ رفض أن يكون شاهد زور

يصف كثيرون القاضي توفيق زيد العليوي بأنه من أوائل رجال القانون الذين تمردوا على آلة القمع القضائية للنظام السوري، وفضّلوا الاصطفاف إلى جانب الشعب والثورة، في وقت كان فيه القضاء الرسمي أداة من أدوات البطش. واليوم، بعد أكثر من 13 عامًا على انشقاقه، يُعاد اسمه إلى الواجهة مجددًا، كرمز للعدالة الممكنة، وللقانون حين يُفعل ضد من ظنّوا أنفسهم محصنين من الحساب.

ظهرت المقالة تمرّد على الأسد واليوم يحاكم رجاله.. توفيق العليوي ثوري يفتح ملفات الدم والتعذيب أولاً على أحداث العرب.

About admin