أثارت حملة رقمية نشرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة على منصاتها الرسمية موجةً واسعة من الجدل بعد أن كررت الحسابات التابعة للهيئة — ثماني مرات متتالية — العبارة الشهيرة: “المرأة تستطيع العمل في أي وظيفة”. وهي جملة ذات جذور تاريخية تعود إلى بدايات القرن العشرين، إذ رفعتها الحركة النسوية في نيويورك عام 1908 شعارًا يعبر عن تمكين المرأة ومساواتها في سوق العمل.
ورغم أن الحملة جاءت في سياق دعم مشاركة النساء في مختلف المهن ومجالات العمل، فإنها لم تمر مرور الكرام، إذ فجّرت نقاشًا حادًا على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدين يرون فيها تأكيدًا على حق المرأة في خوض جميع الميادين، ومعارضين اعتبروا الرسالة مبالغًا فيها وتتجاهل الفوارق الفسيولوجية والبيئية بين الجنسين.
فقد انطلقت موجة من الردود الساخرة والاقتباسات الناقدة على المنصات العالمية، حيث قام كثير من المستخدمين بسرد قوائم طويلة من الوظائف التي — بحسبهم — لا يمكن للمرأة ممارستها على النحو ذاته الذي يؤديه الرجل. ومن بين هذه المهن التي أوردها المنتقدون: العمل في مناجم الفحم، تنظيف شبكات الصرف الصحي، البناء والهدم، تنظيف ناطحات السحاب، إصلاح الكيابل الشاهقة، خوض المعارك في الصفوف الأمامية، تشغيل المعدات الثقيلة، العمل في المنصات البحرية المعزولة، تشغيل آلات استخراج النفط، الإنقاذ في الكوارث، انتشال الجثث والتعامل معها، الصيد في أعماق البحار، الحفر وتعبيد الطرق، العمل في الصحاري، مصانع الحديد والصلب، والعمل في سفن الشحن التجارية عبر البحار.
واعتبر المنتقدون أن تلك المهن الشاقة أو عالية الخطورة تُظهر أن الشعار الذي تروّج له الأمم المتحدة لا يعكس واقعًا عمليًا بقدر ما يمثل طرحًا أيديولوجيًا، مؤكدين أن المساواة لا تعني التطابق التام في القدرات، وأن بعض الوظائف تتطلب جهدًا بدنيًا وظروفًا قاسية لا يمكن لأي شخص — رجلًا كان أو امرأة — تحملها بسهولة.
في المقابل، ردّ مؤيدو الحملة بأن الهدف من الرسالة ليس إنكار الفوارق الطبيعية، بل فتح المجال أمام النساء لاختيار المهن بحرية ودون قيود نمطية، مشيرين إلى أن التاريخ الحديث أثبت قدرة المرأة على اقتحام مجالات كانت حكرًا على الرجال، من الطيران والهندسة إلى القوات العسكرية وقطاع الإنقاذ.
ومع تصاعد الجدل، تحوّل وسم #المرأة_تستطيع إلى ساحة نقاش عالمية، انقسم فيها الجمهور بين من يرى أن الرسالة تكرّس صورة رمزية لقوة المرأة واستقلالها، وبين من يعتبرها خروجًا عن الواقعية ومحاولة لفرض مساواة مصطنعة لا تراعي طبيعة الاختلاف بين الجنسين.
لكن المؤكد أن الحملة — سواء اتُفق معها أم لا — أعادت إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا حساسية في الخطاب الاجتماعي المعاصر: حدود المساواة بين الرجل والمرأة في سوق العمل، وما إذا كانت القدرة تقاس بالقوة البدنية أم بالإرادة والكفاءة.
التدوينة جدل واسع بعد حملة “المرأة تستطيع” التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة ظهرت أولاً على المقال نيوز.