حسين الحميدي… الحارس الذي لم يغادر الميدان حتى النهاية – Bundlezy

حسين الحميدي… الحارس الذي لم يغادر الميدان حتى النهاية

في ذاكرة اليمنيين، لا يذكر الرئيس الراحل علي عبدالله صالح إلا ويُستحضر اسم حسين الحميدي، الرجل الذي لم يكن مجرد حارس شخصي، بل ظلّ لعقود الذراع الأمنية الأقرب إلى صالح، ورافقه في أيام المجد، كما لم يتخلّ عنه لحظة في مشهد السقوط الدامي بالعاصمة صنعاء في ديسمبر 2017.

“سنقاتل حتى آخر طلقة”

في ساعات قاتمة من تاريخ اليمن، حين ضاقت الخيارات وتقطعت السبل، ارتفع صوت حسين الحميدي بجملة واحدة لخّصت إخلاصه: “إما ننتصر أو نستشهد معًا”. صدح بها في محيط الثنية، حيث حوصر الرئيس السابق في منزله بصنعاء، ورفض الانسحاب رغم توجيه صالح له بالخروج، مفضّلًا الموت على ترك موقعه.

لقد جسّد موقفًا استثنائيًا لا يصنعه التدريب العسكري وحده، بل الوفاء المطلق. ووفق روايات شهود، كان الحميدي من بين القلّة الذين واصلوا إطلاق النار حتى نفدت الذخيرة، فسقط بجوار صالح مقاتلًا لا منسحبًا.

سيرة رجل ظلّ في الظل

وُلد حسين صالح الحميدي في محافظة ذمار، والتحق مبكرًا بجهاز الحماية الرئاسية إبان بدايات حكم صالح، وهناك بزغ اسمه كرجل ميداني لا يعرف الهزل ولا التهاون. عُرف داخل أروقة القصر الرئاسي بشدّة انضباطه، وندرة ظهوره في الإعلام، إذ كان وفيًا لواجب الحماية في صمت، لا تعنيه الكاميرات ولا الأضواء.

لم يكن ضابطًا عاديا، بل صار لاحقًا أحد رموز الجهاز الأمني الموازي الذي أحيطت به شخصية علي عبدالله صالح، وبات يُعرف في الأوساط الضيقة بأنه “ظل الرئيس”.

معركة الثنية ومشهد النهاية

قُتل حسين الحميدي في ديسمبر 2017 خلال المعركة الأخيرة بين قوات موالية لصالح ومقاتلي جماعة الحوثي في منطقة الثنية، إحدى ضواحي صنعاء، التي شهدت نهاية درامية للرئيس اليمني بعد انهيار تحالفه مع الحوثيين.

ووفق مصادر أمنية وشهود ميدانيين، فإن الحميدي أبى الانسحاب رغم التحذيرات، وفضّل أن يبقى في مرمى النار، محاطًا بعدد محدود من المقاتلين، فكان من أوائل الذين قُتلوا في تلك المواجهة الخاطفة.

ولم يمرّ مقتله دون أثر، فقد شكّلت جنازته التي جرت في منطقة “عصر” غرب صنعاء حدثًا في حد ذاته، حيث فرض الحوثيون إجراءات مشددة، ومنعوا إقامة مراسم علنية، مخافة تحوّلها إلى تظاهرة رمزية ضدهم، لما للحميدي من مكانة خاصة في قلوب الموالين لصالح.

شهادة من رفيق السلاح

وفي يوليو 2025، خرج الضابط اليمني أحمد الأشول بشهادة ميدانية تحدث فيها عن اللحظات الأخيرة للحميدي، مؤكدًا أن الأخير كان قادرًا على النجاة لكنه اختار البقاء. قال الأشول:
“رفض حسين مغادرة موقعه، وأصرّ على أن يظل في الصفوف الأولى حتى آخر لحظة. كان يقول: إذا خذلناه نحن، فمن سيبقى معه؟”

رجل غادر بصمت… لكن ظلّه لا يغيب

لم يكن حسين الحميدي قائداً عسكريًا شهيرًا، ولا رجل دولة، لكنه حفر اسمه في ذاكرة بلد اعتاد النسيان، فقط لأنه ظل وفيًا حتى اللحظة الأخيرة. وحين سقط الرئيس، لم يسقط الحميدي إلا وهو ممسك بسلاحه، متمترسًا بجوار الرجل الذي أقسم على حمايته حتى الموت.

ظهرت المقالة حسين الحميدي… الحارس الذي لم يغادر الميدان حتى النهاية أولاً على أحداث العرب.

About admin