لم تمر ساعات قليلة على إعلان وفاة الفنان المصري لطفي لبيب، حتى اشتعلت محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي بسؤال مفاجئ: “ما ديانة لطفي لبيب؟”، وهو السؤال الذي تصدّر الترند في مصر وعدد من الدول العربية، في وقت كانت فيه الساحة الفنية تنشغل بتأبين واحد من أكثر الوجوه المحبوبة في الدراما والكوميديا المصرية.
فالرجل الذي عرفه الجمهور طيلة عقود بابتسامته الهادئة، وحضوره الدافئ في أدوار الأب والمعلم والطبيب والجار الطيب، غادر الدنيا بهدوء صباح الأربعاء 30 يوليو/تموز 2025، عن عمر ناهز 77 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، انتهى بإدخاله العناية المركزة في أحد مستشفيات القاهرة.
ديانة لطفي لبيب: ما هي ديانته
ورغم أن لطفي لبيب لم يكن يومًا فنانًا مثيرًا للجدل، ولم يُعرف عنه الخوض في القضايا الدينية أو السياسية، إلا أن ديانته المسيحية عادت إلى الواجهة بعد وفاته، وسط تفاعل واسع بين من عبّر عن احترامه لإرثه الفني، وبين من أُخذ بالفضول أو الصدمة.
وربما ساهمت طبيعة أدواره المتنوعة، التي لم تكرّسه ضمن صورة دينية أو طائفية بعينها، في جعل كثيرين يجهلون خلفيته الدينية، أو لا يولونها اهتمامًا، ما جعل تأكيد ديانته المسيحية في بعض الموسوعات العامة (مثل ويكيبيديا) موضوع نقاش على مواقع التواصل، بين من رأى في ذلك تفصيلاً شخصيًا لا يغيّر شيئًا من مكانته، ومن انجرّ وراء تعليقات طائفية مستنكرة سرعان ما واجهت انتقادات حادة من مثقفين وفنانين.
مسيرة فنية لا تُقاس بالأدوار الكبيرة
ولد لطفي لبيب في 18 أغسطس 1947، في مدينة ببا بمحافظة بني سويف جنوب القاهرة، وحمل معه منذ بداياته عشقًا للمسرح والفن، رغم أن طريقه إلى الشهرة لم يكن مفروشًا بالضوء. فقد تأخر انطلاقه الفني بسبب التحاقه بالخدمة العسكرية التي دامت ست سنوات، ثم قضى أربع سنوات خارج مصر، ليعود بعدها وينطلق فعليًا عام 1981 من فوق خشبة المسرح.
ومع أنه لم يحظ بأدوار البطولة في بداياته، إلا أنه سرعان ما أصبح أحد أعمدة الأداء الكوميدي الهادئ في السينما والدراما التلفزيونية، لا سيما بعد نجاحه الكبير في فيلم السفارة في العمارة إلى جانب عادل إمام، وهو الدور الذي جعله يرفض لاحقًا دعوة رسمية من السفارة الإسرائيلية في القاهرة، في موقف اعتبره كثيرون تعبيرًا نبيلاً عن التزامه الوطني وانحيازه للقضية الفلسطينية، خاصة أنه كان أحد الجنود الذين شاركوا في حرب أكتوبر 1973، وكتب عنها لاحقًا في كتابه الشهير الكتيبة 26.
رحيل يليق بكبار الظل
رغم تدهور حالته الصحية في السنوات الأخيرة، وابتعاده التدريجي عن الأضواء، ظلّ لطفي لبيب حاضرًا في ذاكرة الجمهور، ليس فقط عبر أعماله الفنية التي قاربت 200 عمل، بل أيضًا من خلال صورته المتواضعة، البعيدة عن الغرور أو استعراض الأضواء.
وقد نعاه عدد كبير من نجوم الوسط الفني، على رأسهم منير مكرم، عضو مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية، إلى جانب كتاب ونقّاد ومحبين من مختلف الأجيال، استحضروا معه أدواره الباقية، وملامحه التي حملت دائماً مزيجًا من الحكمة والود، دون أن يحتاج إلى صخب البطولة أو ضوء الصدارة.
ظهرت المقالة ديانة لطفي لبيب الحقيقية.. مسلم أم مسيحي؟ أولاً على أحداث العرب.
