في واقعة أثارت موجة من الجدل والقلق على مواقع التواصل الاجتماعي، سلمت النيابة العامة المصرية فتاة قاصراً إلى والدتها بمحافظة الشرقية، وذلك عقب التحقيق في بلاغ قدمه المجلس القومي للطفولة والأمومة بشأن زواجها العرفي من شاب مصاب بمتلازمة داون، في حفل جرى توثيقه عبر مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع، وظهرت فيه العروس وهي تبكي أثناء مراسم الزفاف.
فتاة دون السن القانونية… والزواج العرفي يفتح باب التحقيق
ووفق ما أفاد به مسؤول خط حماية الطفل بمحافظة الشرقية، فإن الواقعة تم رصدها فور تداول مقاطع الزفاف على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بادرت السلطات إلى التحقق منها. وتبين أن العروس وتُدعى ماجدة تبلغ من العمر 15 عامًا، أي دون السن القانونية للزواج في مصر (18 عامًا)، وأن مراسم الزواج تمت بصورة عرفية دون توثيق رسمي.
وقد وجهت النيابة العامة تحذيرًا للوالدة، وأخذت عليها تعهدًا بعدم تزويج ابنتها مرة أخرى قبل بلوغها السن القانونية، مشددة على أن القانون المصري يجرّم زواج القاصرات ويعتبره انتهاكًا لحقوق الطفولة.
العروس تبكي في الزفاف… وتؤكد لاحقًا: “أنا سعيدة”
وعلى الرغم من المشاهد المؤثرة التي ظهرت فيها العروس باكية أثناء مراسم الزواج، فإنها صرّحت في مقابلات مع وسائل إعلام محلية بأنها سعيدة بزواجها من “محمد”، وأن الخطوبة استمرت نحو ثمانية أشهر. كما أفاد شقيق العريس بأن الزواج تم بالتراضي، وأن شقيقه “يحب عروسه حبًا حقيقيًا”.
جدل مجتمعي وأسئلة عن الأهلية القانونية والعقلية
لكن تلك التصريحات لم تُنهِ الجدل، بل زادت من حدة النقاش العام، حيث عبّر كثيرون على مواقع التواصل عن مخاوفهم من غياب الأهلية العقلية والقانونية للطرفين، خاصة وأن العريس يعاني من متلازمة داون، وهي حالة وراثية تؤثر على النمو العقلي والسلوكي بدرجات متفاوتة.
وتساءل أحد المتابعين: “كيف يتم السماح بزواج شخص لا يملك التمييز الكافي لتحمل مسؤولية الحياة الزوجية؟”، بينما أبدى آخرون قلقهم من المخاطر الجينية المحتملة لإنجاب أطفال في مثل هذه الحالة، مطالبين الجهات المختصة بمراجعة مثل هذه الزيجات وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لأطرافها.
رد شرعي من دار الإفتاء: الزواج جائز بشروط
في ضوء هذا الجدل، أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا توضيحيًا حول حكم زواج المصاب بمتلازمة داون، مشيرة إلى أن “من حق المعاق عقليًا أن يتزوج، ما دامت أركان الزواج متوافرة، وما دام محاطًا بالحرص على مصلحته، محفوفًا برعاية منافعه”.
وأكدت دار الإفتاء أن أهلية الزواج لا تتعلق فقط بسلامة الجسد، بل بمدى قدرة الشخص على إدراك طبيعة العلاقة الزوجية وتحمل مسؤولياتها، وهو ما يجب أن يُقيّم بناءً على كل حالة على حدة، بما يضمن عدم وقوع أي ضرر نفسي أو اجتماعي.
الظاهرة تتكرر… ومطالبات بتشديد الرقابة
تأتي هذه الواقعة لتسلّط الضوء مجددًا على ظاهرة زواج القاصرات في مصر، والتي ما زالت تُمارَس في بعض المناطق الريفية والشعبية تحت غطاء العرف أو باسم “الستر”. ورغم حملات التوعية والتعديلات القانونية المتلاحقة، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال تجد طريقها إلى الواقع، غالبًا بدافع العادات أو الجهل القانوني، أو لأسباب اقتصادية.
وقد طالب حقوقيون ومتابعون بضرورة تفعيل آليات حماية الطفل، وزيادة التنسيق بين النيابة العامة والمجالس المختصة وهيئات الرعاية الاجتماعية، إضافة إلى تشديد العقوبات على كل من يشارك في إبرام زيجات دون السن القانونية، سواء كانوا أولياء أمور أو وسطاء أو مأذونين.
ظهرت المقالة زواج قاصر من شاب مصاب بمتلازمة داون يثير جدلاً واسعاً في مصر والنيابة تتدخل أولاً على أحداث العرب.