لم تكن “الأوبتيما” السوداء التي ارتطمت بسياج حديدي في أحد شوارع حي النظيم بالرياض مجرد سيارة فقدت السيطرة، بل كانت شاهدة على لحظة الرحيل الأخيرة لاثنين من أشهر مفحّطي المملكة: كنق النظيم وصديقه برنس النظيم، اللذين انتهت حياتهما بالطريقة نفسها التي لطالما حذّر منها الجميع.
في البداية، ظنّ المتابعون أن “كنق النظيم” هو من كان خلف المقود، كما اعتاد في مغامراته السابقة، غير أن المفاجأة جاءت لاحقاً — إذ تبيّن أنه كان راكباً إلى جوار صديقه “البرنس”، الذي قاد السيارة في ذلك اليوم المشؤوم.
ساحة الموت
يصف مشاري عبدالله، وهو شاهد عيان تحدث إلى “العربية.نت”، اللحظات الأخيرة قائلاً إن “كنق النظيم” استجاب لطلب صديق طفولته عيد العنزي (برنس النظيم) الذي خرج حديثاً من السجن بعد توبة أعلنها عن ممارسة التفحيط. لكن الحنين إلى الأدرينالين والتهور أعاده إلى الميدان مجددًا، ودعا “أحمد الشتيوي” (كنق النظيم) ليكون “معززاً” له في عرضٍ جديد أمام جمهورٍ متحمّس.
غير أن الحماس سرعان ما تحوّل إلى صرخات؛ فقد اصطدمت السيارة بعنف في أحد الأعمدة، وتناثرت الأشلاء، بينما فرّ المتجمهرون تاركين الدماء تنزف حتى فارق الاثنان الحياة. وبعد دقائق، كتب أحد أصدقائهما منشورًا مؤلمًا: «اعذروني على الرحيل».
تفاصيل الحادث
بحسب المتحدث باسم الهلال الأحمر بالرياض عبدالله المريبض، فإن الحادث نتج عن اصطدام المركبة بأحد الأعمدة، وأسفر عن وفاتين، إحداهما نتيجة إصابات خطيرة في الرأس والعنق.
فيما أكد العقيد طارق الربيعان، المتحدث باسم المرور، أن شخصين كانا برفقتهما تمكنا من الفرار من موقع الحادث، تاركين صديقيهما داخل السيارة المدمّرة. وأوضح أن “كنق النظيم” تُوفي في الحال، بينما لحق به “البرنس” لاحقًا متأثرًا بإصاباته.
من التوبة إلى المأساة
اللافت أن الشابين كانا قد خرجا من السجن بعد قضاء جزء من محكوميتهما في قضايا تفحيط سابقة، وأعلنا توبتهما وابتعادهما عن هذه الممارسات. بل إن “كنق النظيم” كان قد وجّه رسالة مؤثرة إلى والدته من داخل السجن قبل أشهر، معتذرًا منها والدموع تغالب كلماته، بعد أن تسبب سابقًا في مقتل أحد أصدقائه أثناء التفحيط، وصدر بحقه حكم بالسجن عشر سنوات ومنع من القيادة.
إلا أن وعود التوبة تبخّرت سريعًا، فعاد الاثنان إلى أوساطهما القديمة، يجوبان شوارع النظيم بين الاستراحات ومواقع التفحيط التي تنظم عبر وسائل التواصل، يوثّقان مغامراتهما على “يوتيوب”، ويمارسان التفحيط حتى في الاتجاه المعاكس.
عقوبات مغلظة وردع قانوني
تزامن الحادث مع تشديد المملكة لعقوبات التفحيط بواقع 20 ضعفاً عما كانت عليه سابقًا. وتنص الأنظمة على أن المفحّط للمرة الأولى تُحجز مركبته شهرًا وتفرض عليه غرامة 10 آلاف ريال وسجن لا يتجاوز 6 أشهر، وفي المرة الثانية ترتفع العقوبة إلى حجز 3 أشهر وغرامة 20 ألف ريال وسجن لا يقل عن 6 أشهر ولا يزيد على سنة. أما في المرة الثالثة، فالعقوبة تصل إلى سجن من عام إلى خمسة أعوام وغرامة 40 ألف ريال، مع مصادرة المركبة أو إلزام المفحط بدفع قيمتها.
كما يعاقَب كل من حرّض أو دعم أو “عزّز” المفحط بعقوبة لا تقل عن نصف ما يعاقب به الفاعل الأصلي، في حين يعاقب المتجمهرون لمشاهدة التفحيط بغرامة 1500 ريال أو بحجز مركباتهم لمدة 15 يومًا.
أرقام صادمة
الإحصاءات الرسمية تكشف حجم الكارثة: 40 ألف مصاب سنويًا بسبب الحوادث المرورية، من بينها حوادث التفحيط، و30% منها تتحول إلى إعاقات دائمة، أي ما يعادل 35 معوقًا يوميًا. كما يخسر الاقتصاد الوطني نحو 21 مليار ريال سنويًا نتيجة هذه الحوادث.
سبب وفاة كنق النظيم: متى وأين وكيف مات وأسمه الحقيقي القصة الكاملة ويكيبيديا
في عالم السرعة والشوارع الخلفية، حيث الأدرينالين هو سيد الموقف والقوانين تُكسر بلمح البصر، لمع نجم شاب سعودي عُرف بلقب “كنق النظيم”. لسنوات، كان اسمه أحمد شتيوي العنزي مرادفاً لأخطر حركات التفحيط في شوارع الرياض، يتابعه الآلاف عبر مقاطع الفيديو التي كانت تنتشر كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي. لم يكن “كنق النظيم” مجرد مفحط عابر، بل كان ظاهرة أثارت الجدل بين الإعجاب بجرأته والاستنكار لتهوره، حتى جاء اليوم الذي أسدل فيه الستار على قصته بحادث مأساوي هز الرأي العام.
القصة الكاملة بدأت تتكشف فصولها الأخيرة في يوم الجمعة الموافق 23 سبتمبر 2016، في حادث سير مروع وقع على “دائري القوات” شمال الرياض، وهو شارع شهير كان مسرحاً لعمليات التفحيط. ورغم انتشار أخبار أولية تفيد بأنه كان يقود السيارة، إلا أن مصادر لاحقة، وشاهد عيان من موقع الحادث، كشفوا مفاجأة مدوية: “كنق النظيم” لم يكن هو القائد. فقد لبى دعوة صديق طفولته وزميله في الهواية “برنس النظيم” (واسمه الحقيقي عيد العنزي) للقيام بجولة تفحيط، وكان الأخير هو من يجلس خلف المقود لسيارة من نوع “أوبتيما” سوداء اللون.
الموت لم يمهلهما طويلاً. فخلال ممارسة التفحيط، فقد “برنس النظيم” السيطرة على السيارة لتصطدم بقوة بأحد السياجات الحديدية على جانب الطريق. أدى الحادث إلى وفاة كل من “كنق النظيم” و”برنس النظيم” على الفور، بينما نجا مرافق ثالث كان يجلس في المقعد الخلفي، إلا أنه أصيب بجروح خطيرة استدعت نقله إلى العناية المركزة. وانتشرت مقاطع فيديو قيل إنها توثق اللحظات الأخيرة قبل الحادث المأساوي، مما زاد من صدمة المتابعين.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها “كنق النظيم” المتاعب بسبب عشقه للسرعة؛ فقد كان قد قضى فترات سابقة في السجن على خلفية قضايا تفحيط سابقة، قبل أن يُفرج عنه بعد حفظه أجزاء من القرآن الكريم. لكن هذه العودة كانت الأخيرة، حيث وضعت نهاية درامية لحياته التي عاشها على حافة الخطر. اسمه الحقيقي لم يكن متداولاً على نطاق واسع في الإعلام وقتها، بل طغت الألقاب المستعارة على هويته الحقيقية، ليظل لغزاً يضاف إلى قصة حياته القصيرة والمليئة بالجنون. رحل “كنق النظيم”، لكن قصته بقيت حاضرة كعبرة حول مخاطر هذا العالم المظلم والخطير.
وهكذا انتهت قصة “الكنق – أحمد شتيوي العنزي” و”البرنس” كما بدأت — على الأسفلت ذاته الذي مجّدا فيه المغامرة، ووسط جماهير التصفيق التي تحولت إلى شهود على مأساة جديدة، تذكّر بأن لحظة استعراض واحدة قد تكلّف الحياة بأكملها.
التدوينة سبب وفاة كنق النظيم: متى وأين وكيف مات وأسمه الحقيقي القصة الكاملة ويكيبيديا ظهرت أولاً على المقال نيوز.
