في مشهد يعكس استمرار التوتر بين السلطات المغربية وبعض النشطاء على منصات التواصل، عادت الناشطة سعيدة العلمي لتتصدر واجهة الأحداث الحقوقية بالمغرب، بعدما جرى توقيفها مجددًا يوم الثلاثاء، الأول من يوليوز 2025، عقب أقل من عام على استفادتها من عفو ملكي واسع شمل معتقلي الرأي.
جاء اعتقال العلمي وسط غموض يلف التهم الموجهة إليها، حيث أكدت مصادر مطلعة لصحيفة “صوت المغرب” أنه من المرتقب إحالتها على النيابة العامة يوم الخميس 3 يوليوز، دون تقديم تفاصيل رسمية عن طبيعة القضية الجديدة. غير أن مصادر حقوقية رجّحت أن يكون الاعتقال مرتبطًا بتدوينات جديدة نشرتها على حسابها في “فايسبوك”، كرّست فيها نمطًا اعتادت عليه منذ سنوات، وهو نقد الأوضاع العامة في البلاد، لاسيما ما يتصل بالقضاء والسلطات.
وقد جرى إبلاغ أسرتها صباح يوم الاعتقال من قبل السلطات المحلية في مدينة الدار البيضاء. بعد تردد أنباء عن اختطافها.
سعيدة العلمي هي ناشطة ومدوِّنة مغربية، اشتهرت خلال السنوات الأخيرة بانتقاداتها اللاذعة التي كانت توجّهها من خلال حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه السياسات العامة، والمؤسسات الرسمية، وعلى رأسها الجهاز القضائي.
لا تنتمي العلمي إلى تنظيم سياسي معروف، لكنها برزت في مشهد التدوين الحقوقي المغربي كصوت فردي يصر على حرية الرأي والتعبير، حتى لو كان الثمن ملاحقات قضائية متكررة.
الناشطة كانت قد دخلت السجن لأول مرة على خلفية متابعتها في قضيتين تتعلقان بتهم “إهانة هيئة منظمة بموجب القانون”، و”تحقير مقررات قضائية”، و”بث وقائع كاذبة بغرض التشهير”. وقد أُدينت ابتدائيًا بالسجن لمدة عامين، قبل أن ترفع محكمة الاستئناف الحكم في شتنبر 2022 إلى ثلاث سنوات كاملة.
وفي أكتوبر 2023، عادت المحكمة نفسها لتُصدر حكمًا جديدًا ضدها، بالسجن 8 أشهر، بعد أن كانت العقوبة عامين، بتهم وُصفت بأنها “مسيئة للملك وللقضاء”.
لكن المفارقة أن هذه الأحكام لم تكتمل فترات تنفيذها، إذ شملها عفو ملكي في يوليوز 2024، بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتربع العاهل المغربي على العرش، حيث كانت واحدة من بين 2476 مستفيدًا، ضمنهم صحافيون ومدوّنون تمّت ملاحقتهم بسبب ما نشروه من آراء عبر الإنترنت.
لم تكن تدوينات العلمي تمرّ مرور الكرام، إذ كانت تُعبّر عن آرائها بصيغة مباشرة، قد يعتبرها البعض جريئة أو حتى استفزازية، فيما تراها منظمات حقوقية ضمن إطار التعبير السلمي المحمي بالقانون الدولي.
وفي أكثر من مناسبة، دافعت العلمي عن نفسها بالقول إنها “مارست حقها في التعبير”، مؤكدة أن تدويناتها لا تتعدى كونها تعليقات سياسية أو اجتماعية تنتقد أداء السلطات، دون أن تنطوي على دعوة للعنف أو التحريض.
اللافت في توقيف العلمي الجديد أنه جاء في وقت تشهد فيه البلاد تحسناً نسبياً في ملف الحريات، عقب سنوات من الانتقادات الدولية، ما جعل توقيفها مجددًا يثير القلق بين المنظمات الحقوقية داخل المغرب وخارجه.
وفي غياب توضيح رسمي حتى لحظة إعداد هذا التقرير، تظل الأنظار متجهة نحو جلسة مثولها أمام النيابة العامة، حيث يُنتظر أن تُكشف خلالها التهم الموجهة إليها، والتكييف القانوني لاعتقالها الأخير.
تجسّد قضية سعيدة العلمي جدلية قائمة منذ سنوات في المغرب بين حرية التعبير و”حدود القانون”، وبين الحق في نقد المؤسسات والمخاوف من المسّ بهيبة الدولة. وبين هذه وتلك، تظل العلمي نموذجًا لما بات يُعرف بـ”الناشط الرقمي” الذي يصوغ مواقفه بكلمات حادة في زمن لا يعرف الحياد.
ظهرت المقالة سعيدة العلمي ويكيبيديا saida el alami wikipedia أولاً على أحداث العرب.
