شهدت الملاعب العراقية عبر تاريخها العديد من النجوم، لكن قلّة منهم تركوا بصمة عميقة كالتي رسمها شدراك يوسف، اللاعب والمعلق والمدرب الذي جمع بين الموهبة في المستطيل الأخضر والحضور الطاغي خلف الميكروفون.
اسمه ارتبط بسنوات المجد الأولى للكرة العراقية، وصوته ظل حاضرًا في ذاكرة من عايشوا تلك الحقبة الذهبية، صباح الثلاثاء 5 أغسطس 2025، طويت صفحة رجل عاش أكثر من ثمانية عقود في خدمة الرياضة، ليغادر تاركًا إرثًا يصعب تكراره.
شدراك يوسف ويكيبيديا
وُلد شدراك يوسف في منطقة الحبانية غرب العراق عام 1942، فيما تذكر بعض الروايات أنه أبصر النور عام 1944، نشأ وسط عائلة آشورية مسيحية بسيطة، لكنها غرست فيه الشغف بالرياضة منذ طفولته.
في الأزقة والفرق الشعبية اكتشف الصبية موهبته المبكرة في مركز خط الوسط، وسرعان ما لفت أنظار الأندية الكبيرة بفضل رؤيته الفنية العالية وقدرته على التحكم بنسق اللعب.

مسيرة كروية مع المنتخب العراقي
بدأت رحلة شدراك يوسف مع المنتخب الوطني عام 1965، واستمرت حتى 1973، خاض خلالها 31 مباراة دولية وسجل هدفين.
عرف بذكائه التكتيكي، وقدرته على ربط خطوط الفريق، وتمريراته الحاسمة التي صنعت الفارق في أكثر من مواجهة مصيرية.
أبرز محطات مسيرته الدولية:
- كأس العرب 1964 و1966: ساهم في تتويج العراق باللقب مرتين، وحصد لقب أفضل لاعب في نسخة بغداد 1966.
- نهائيات كأس آسيا 1972 في تايلاند: كان أحد أعمدة خط الوسط خلال المشاركة العراقية التاريخية.
- تصفيات كأس العالم 1974: شكّلت آخر محطاته مع المنتخب قبل اعتزاله عام 1975، رغم أنه كان لا يزال في قمة عطائه الفني.
تميز شدراك بأنه أحد قلائل جيله الذين جمعوا بين الانضباط البدني والقدرة على قيادة زملائه من وسط الميدان، مما جعله لاعبًا لا يُنسى في تاريخ المنتخب.
من الملاعب إلى التدريب
بعد الاعتزال لم يبتعد شدراك يوسف عن كرة القدم، بل خاض تجربة التدريب في أندية محلية وترك بصمة تربوية واضحة في أسلوبه مع اللاعبين.
واحدة من أبرز محطاته كانت إشرافه على المنتخب النسوي العراقي في بداياته، في تجربة نادرة بتاريخ الكرة النسائية في البلاد.
لكن مع نهاية السبعينيات قرر إنهاء مشواره التدريبي بسبب ظروف صحية وشخصية، وبدأ فصلًا جديدًا من حياته المهنية.

الصوت الذي رافق الملاعب
انتقل شدراك يوسف إلى عالم الإعلام الرياضي، ليصبح واحدًا من أبرز الأصوات المألوفة لدى الجماهير العراقية، عمل كمعلق ومحلل رياضي عبر التلفزيون العراقي وإذاعة بغداد، وكتب مقالات تحليلية في الصحف المحلية.
تميز أسلوبه بالهدوء والمهنية والابتعاد عن التعصب، ما أكسبه احترام المشاهدين واعتُبر مدرسة حقيقية في فن التعليق والتحليل الرياضي، صوته ارتبط بذكريات البطولات والمباريات الكبيرة، وترك تأثيرًا ملحوظًا في الأجيال اللاحقة من المعلقين الرياضيين.
سنوات المرض ورحيله
في سنواته الأخيرة، عانى شدراك يوسف من أزمات صحية قاسية؛ فقد بصره بشكل كامل، وأصيب بمشكلات في الحركة والسمع والذاكرة، ما جعله يعيش في عزلة شبه تامة.
ووفقًا لشهادة نجله “زيا شدراك”، كان والده عاجزًا عن التعرف على الزوار في أيامه الأخيرة.
صباح الثلاثاء 5 أغسطس 2025، أعلن عن وفاته رسميًا عن عمر ناهز 83 عامًا، بعد رحلة طويلة مع المرض، لتفقد الرياضة العراقية أحد أبرز رموزها الخالدة.
ظهرت المقالة شدراك يوسف ويكيبيديا.. من هو؟ أولاً على أحداث العرب.