من هي الدكتورة هبة دربالة التي توفيت اليوم؟

في مشهد يملؤه الأسى، ودّعت الأوساط الثقافية والسياسية في مصر اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025 الدكتورة هبة دربالة، المفكرة والناشطة السياسية التي شكّلت طوال عقود أحد الأصوات الجريئة في المشهد العام، والرمز النسوي الذي جمع بين الفكر والموقف، وبين الثقافة والعمل الميداني.

رحلت دربالة بهدوء، لكن خبر وفاتها ترك ضجيجًا في القلوب والعقول، بعدما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبر رحيلها بموجة من النعي والحزن، مؤكدين أن مصر فقدت امرأة نذرت حياتها للكلمة والموقف والحق.

من هي الدكتورة هبة دربالة ويكيبيديا

وُلدت هبة دربالة في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، في بيئةٍ مثقفة آمنت بالمعرفة والتعليم، فكبرت وهي تحمل شغفًا بالثقافة وقضايا الوطن. برز اسمها في الثمانينيات حين كانت من القيادات الطلابية النشطة في جامعة المنصورة، حيث لعبت دورًا مؤثرًا في الحركات الطلابية التي رفعت شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية، لتبدأ بعدها مسيرتها الطويلة في العمل العام والسياسي.

تدرجت دربالة في الحياة الحزبية المصرية لتصبح إحدى القيادات النسوية البارزة داخل حزب الوفد، الذي شغلت فيه منصب سكرتير عام الحزب بمحافظة الدقهلية، كما تولت رئاسة لجنة السودان والشؤون العربية على مستوى الجمهورية، ثم مثّلت مصر في الاتحاد النسائي العربي، قبل أن تنضم إلى حزب الدستور، وتستقر لاحقًا في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، مواصلةً نضالها من أجل قيم المواطنة والمساواة والعدالة.

لكن هبة دربالة لم تكن مجرد سياسية تقليدية؛ كانت صاحبة رؤية ثقافية راسخة آمنت بدور الفكر في مقاومة الجمود، فأسست عام 2001 صالونها الثقافي الشهير «صالون الجندول» في المنصورة، ليكون أول منصة فكرية حرة في الدلتا تجمع المثقفين والفنانين والسياسيين في حوار مفتوح حول قضايا الوطن.

وبعد عقد من الزمان، وتحديدًا في عام 2011، أطلقت «صالون الدكتورة هبة دربالة» الشهري الذي أصبح ملتقى لأصوات الإبداع والفكر، وفضاءً للنقاش الحر حول التغيير والإصلاح.

كانت دربالة من أوائل المنخرطين في الحركات الشعبية مثل «كفاية» و«التغيير»، كما أسهمت في تأسيس اللجنة الشعبية للتضامن مع انتفاضة الشعب الفلسطيني، وشاركت في اللجنة الشعبية للتعريف بقضايا السودان، مؤمنةً بأن المثقف الحقيقي لا يعيش في برجٍ عاجي، بل في قلب المعركة الفكرية والاجتماعية.

عرفت الراحلة بصلابتها الفكرية وهدوئها الإنساني، جمعت بين النضج السياسي والرهافة الثقافية، وكانت في نظر من عرفوها «ضميرًا حيًا» لا يهادن، وصوتًا حرًا لا ينكسر. وبرحيلها، تفقد مصر واحدة من رموزها النسوية المستنيرة، ووجهًا من وجوه جيلٍ آمن بأن التغيير يبدأ من الكلمة، وبأن الحرية لا تُستجدى بل تُصنع.

التدوينة من هي الدكتورة هبة دربالة التي توفيت اليوم؟ ظهرت أولاً على المقال نيوز.