لم يكن “وحش حولي” في الكويت مجرد عنوان لفيلم تلفزيوني، بل كان اسماً حقيقياً ألقى بظلاله المظلمة على المجتمع الكويتي قبل سنوات، محولاً منطقة “حولي” الهادئة إلى بؤرة للرعب والترقب. فبين عامي 2007 و 2008، ارتكب عامل مصري سلسلة من الجرائم البشعة بحق أطفـ ال قُصّر، خلّفت صدمة عميقة وجرحاً لا يندمل في نفوس الأهالي. ورغم مرور الزمن، وعرض العمل الفني الذي أعاد إحياء القصة، إلا أن الحقيقة تظل أكثر قتامة وأبعد من مجرد سيناريو درامي.
قصة وحش حولي في الكويت الحقيقية
القضية الحقيقية التي هزت أركان المجتمع الكويتي بدأت بتعدد بلاغات عن اعتداءات جنـ سـ ـية على أطفـ ال في منطقة حولي، مما أثار موجة من الخوف والغضب. تحركت الأجهزة الأمنية في الكويت لجمع خيوط القضية، وباستخدام تقنيات “جغرافيا الجريمة”، تمكنت من تحديد منطقة محددة لارتكاب الجرائم، مما قادها في النهاية إلى مرتكبها. وتم القبض على الجاني، وهو عامل مصري، في يوليو 2007، بعد 17 شهراً من البحث والتحري المكثف.
تلك الجرائم الشنيعة خلقت حالة من الهلع في نفوس السكان، وأدت إلى تغيير جذري في كيفية تعاملهم مع أبنائهم، فبات الأطفال يخشون الخروج بمفردهم، وزادت رقابة الأسر على تحركاتهم بشكل غير مسبوق. أما بالنسبة للجاني، فقد حوكم وصدرت بحقه عدة أحكام بالإعدام، ليرتدي بذلة الإعدام في عام 2008، وتطوى بذلك صفحة مؤلمة من تاريخ الجريمة في الكويت.
ومع إطلاق عمل فني مستوحى من هذه الأحداث، عادت الذكريات الأليمة لتطل برأسها من جديد. لكن ردود فعل الجمهور كانت متباينة، ففي حين رأى البعض في العمل الفني فرصة لتذكير المجتمع بضرورة حماية الأطفال، اعتبره آخرون إعادة فتح لجرح قديم، وعبّروا عن استيائهم من استثمار مأساة حقيقية في عمل درامي. وفي خضم هذا الجدل، يتساءل كثيرون عما إذا كان الفن قادراً على نقل حجم الرعب والألم الذي عاشته الأسر المتضررة، أم أنه يكتفي بتقديم نسخة مخففة من الواقع، قد تبتعد عن جوهر المأساة.
محكمة كويتية تصدر حكماً رابعاً بالإعدام بحق “وحش حولي” المصري حجاج السعدي
أصدرت محكمة كويتية في الرابع من مايو عام 2008 حكمها الرابع بالإعدام شنقاً بحق المصري حجاج السعدي، البالغ من العمر 27 عامًا، بعد إدانته في سلسلة من قضايا اغتـ ـ صا ب طالت عددًا من القاصـ ريـن في ضاحية حولي، إحدى المناطق السكنية الواقعة إلى الجنوب من العاصمة الكويتية. وبذلك يكون المتهم قد نال أربعة أحكام بالإعدام إضافة إلى حكم بالسجن المؤبد، بعدما نظرت المحكمة في كل جريمة على حدة ضمن ما عُرف إعلاميًا باسم قضية “وحش حولي” التي هزّت الرأي العام الكويتي.
وكانت السلطات قد ألقت القبض على السعدي في يوليو من العام 2007 أثناء محاولته مغادرة البلاد عبر مطار الكويت الدولي، لتكشف التحقيقات لاحقًا عن تورطه في اغتصاب سبعة عشر طفلًا من الجنسين، معظمهم دون العاشرة من العمر، على مدار عامين بدءًا من مطلع 2006. وجاء القبض عليه بعد أن أظهرت نتائج فحوصات الحمض النووي تطابقًا كاملًا بين عيناته وآثار الجريمة التي عُثر عليها في مواقع الاعتداء.
وخلال جلسات المحاكمة، أنكر السعدي جميع التهم الموجهة إليه، زاعمًا أن اعترافاته انتُزعت منه تحت التعذيب، إلا أن المحكمة اعتبرت الأدلة المادية والفحوص العلمية كافية لإدانته. وكانت وسائل الإعلام المحلية قد تابعت القضية على نطاق واسع، ومنحت المتهم لقب “وحش حولي” نظرًا لبشاعة الجرائم التي ارتكبها وطبيعة ضحاياه من الأطفال.
وكشفت تقارير صحفية حينها أن المتهم كان يعمل مدربًا لرياضة كمال الأجسام في أحد المعاهد الصحية بمنطقة الجابرية، وكان يستغل فترات الظهيرة — وهي أوقات الاستراحة — لاستدراج ضحاياه، مستخدمًا قوته الجسدية للسيطرة عليهم ومنعهم من المقاومة، بينما كان يحرص على اختيار الأطفال الذين لا يستطيعون التعرف عليه لاحقًا.
من جانبها، أبدت وزارة الخارجية المصرية اهتمامها بمتابعة القضية عبر قنصليتها في الكويت، في حين أكد دبلوماسي مصري هناك ثقته في نزاهة التحقيقات الكويتية وعدالتها، مشددًا على أن ما جرى حادث فردي لا يعكس صورة الجالية المصرية المعروفة بانضباطها وحسن سلوكها.
رحلة “وحش حولي” انتهت بين جدران المحكمة، بعد سلسلة جرائم صدمت المجتمع الكويتي، وأثارت موجة من الغضب والخوف في الأوساط الشعبية والإعلامية، لتطوى صفحة واحدة من أبشع القضايا الجنائية التي شهدتها البلاد في العقد الأول من الألفية الجديدة.
التدوينة وحش حولي في الكويت.. القصة الحقيقية مسلسل 2025 ظهرت أولاً على المقال نيوز.

