بأناقة البطلات وعزيمةٍ لا تعرف الانكسار، عادت اللاعبة المصرية هنا جودة لتكتب فصلاً جديداً في تاريخ تنس الطاولة الإفريقي، بعد أن تُوجت بطلةً للقارة السمراء في منافسات السيدات إثر فوزها الساحق على مواطنتها دينا مشرف بنتيجة أربعة أشواط دون رد في نهائي البطولة، لتثبت أنها لم تعد مجرد موهبة صاعدة، بل رقماً صعباً في عالم اللعبة.
وجاء تتويج هنا جودة بمثابة تتويج لمسيرة حافلة داخل البطولة، إذ بدأت مشوارها بقوة منذ الأدوار الأولى، وتألقت في ربع النهائي حين أطاحت بلاعبة مدغشقر بنتيجة 4-1، لتواصل زحفها بثقة نحو اللقب. وعلى الجانب الآخر، كانت دينا مشرف – صاحبة الخبرة الطويلة والإنجازات القارية – قد تأهلت إلى النهائي بفوزها على فريدة بدوي بنتيجة 4-0، في مواجهة مصرية خالصة أكدت تفوق المدرسة المصرية على الساحة الإفريقية.
النهائي المصري الخالص جاء مليئاً بالحماس والإصرار، غير أن براعة هنا جودة في الإرسال والرد السريع كانت سلاحها الأبرز، إذ نجحت في السيطرة على مجريات اللقاء منذ بدايته وحتى نهايته، لتخطف اللقب عن جدارة وتعتلي عرش تنس الطاولة الإفريقي في لحظةٍ تعكس نضوجها الفني المبكر رغم حداثة سنها. وقد حرص وزير الشباب والرياضة على تقديم التهنئة للاعبات منتخب مصر بعد هذا الإنجاز الكبير، مؤكداً أن ما تحقق في البطولة يمثل خطوة جديدة في مسار تطور الرياضة النسائية المصرية، ورسالة فخر لجيلٍ صاعد من البطلات اللواتي يصنعن مجد بلادهن.
ولم يكن هذا التتويج إلا ثمرة إصرارٍ استثنائي، إذ عادت هنا جودة إلى المنافسات القارية بعد فترة نقاهة قصيرة إثر إصابة في القدم أجبرتها الشهر الماضي على الاعتذار عن المشاركة في بطولة “الصين سماش” للناشئين، لكنها عادت أكثر قوة وإصراراً، لتثبت أن الأبطال الحقيقيين لا يطيلون الوقوف عند العثرات، بل يحولونها إلى دافع نحو القمة.
هنا جودة، المولودة في الثاني عشر من ديسمبر عام 2007، تنتمي إلى النادي الأهلي، وتحمل على كتفيها طموحات جيلٍ جديد من اللاعبات المصريات. فهي أول مصرية تتصدر التصنيف العالمي للناشئات تحت 15 عاماً، وقد وصفها الاتحاد الدولي للعبة بأنها “الفتاة التي تعيد كتابة تاريخ تنس الطاولة في إفريقيا”، بعدما حطمت الأرقام التقليدية وفتحت أبواب العالمية أمام اللعبة المصرية.
ولم تكن رحلة هنا جودة نحو الأضواء مفروشة بالورود، فمنذ مشاركتها في أولمبياد طوكيو 2020 كاحتياطية وهي تواصل صعودها بثبات، لتصل بعد عامٍ واحد إلى نهائي بطولة إفريقيا لتنس الطاولة 2021 كأصغر لاعبة تبلغ تلك المرحلة في تاريخ البطولة، حين كانت في الثالثة عشرة فقط، قبل أن تكتفي بالميدالية الفضية بعد خسارة درامية أمام مريم الهضيبي بنتيجة 4-3. لكنها عادت في العام التالي لتثأر لنفسها وتخطف ذهبية ألعاب البحر المتوسط مع منتخب السيدات عام 2022، ثم تواصل اليوم مشوار الذهب بتتويج جديد يؤكد أن الحلم الذي بدأ من طاولة صغيرة في القاهرة أصبح الآن قصة نجاح تروى في كل قاعة رياضية في القارة السمراء.
التدوينة هنا جودة: عرش إفريقيا لتنس الطاولة يتوج ملكة مصرية شابة ظهرت أولاً على المقال نيوز.
