تحت الأضواء الكاشفة لعالم التواصل الاجتماعي السعودي، الذي لا يرحم الزلات ولا يغفل لحظة، وجد عبدالله الودعاني نفسه هذه المرة في قلب عاصفة غير مألوفة. الشاب الأحسائي الذي اعتاد أن تُستقبل مقاطعه بالضحكات والإعجابات، تلقى اليوم استدعاءً رسميًا من هيئة تنظيم الإعلام، انتهى بشطب رخصته الإعلانية “موثوق”، بعد أن اعتُبر محتواه الأخير مخالفًا للأنظمة الإعلامية. المفارقة أن المقلب الذي كان يُضحك الملايين، قاده هذه المرة إلى منطقة شديدة الجدية، حيث تُمحى الخطوط بين “الترفيه” و”المساءلة”.
مقلب عبدالله الودعاني
مقلب عبدالله الودعاني في روسيا
اليوم تم تداول ذا المقطع للحظة مداهمة واعتقال شباب سعوديين من قبل قوات الامن الخاصة الروسية، والبعض افتى بالموضوع وقال انهم ممكن دخلو مكان ممنوع وغيرها…
الحقيقة ان ذولا مو عناصر امن ولا شيء هم مجرد ممثلين وعبارة عن مجموعة روسية متخصصة في تنظيم المقالب والمفاجآت بأسلوب القوات… pic.twitter.com/auZsaQkFDH
— MOATH | معاذ (@M0ATH) October 20, 2025
منذ صباح العشرين من أكتوبر 2025، ضجت المنصات بخبر استدعاء الودعاني وشطب رخصته، بعدما نشرت الهيئة بيانًا مقتضبًا أشارت فيه إلى نشره “محتوى مخالف للنظام الإعلامي”. لم تُفصَح التفاصيل بعد، لكن مصادر قريبة من المشهد الإعلامي رجّحت أن الأمر يتصل بمقاطع دعائية تضمنت معلومات غير دقيقة أو أسلوبًا لا يتوافق مع المعايير المهنية، وهو ما جعل الهيئة تتدخل بحزم ضمن خطتها لضبط الفضاء الرقمي وإعادة الانضباط إلى سوق الإعلانات المؤثرة.
الودعاني، الذي وُلد في الأحساء عام 1991، يُعَدّ من أبرز صنّاع المحتوى في السعودية، جمع بين خفة الظل والرسائل الاجتماعية، وبرز في تطبيق سناب شات بمتابعين تجاوزوا المليوني شخص. شقيقه للمشهورتين سارة الودعاني ونجلاء الودعاني، وقد شكّل معهما عائلة رقمية ذات حضور لافت في عالم “السوشيال ميديا”، يتنقل أفرادها بين الإعلانات والحكايات العائلية والمقاطع اليومية التي تشكل جزءًا من المشهد الرقمي السعودي.
درس الودعاني في جامعة الملك سعود وعمل في بداياته في المجال الاجتماعي قبل أن ينتقل إلى صناعة المحتوى والبودكاست. وفي أكثر من مناسبة، تحدث بصراحة عن أزماته النفسية وخبراته الحياتية، ما أكسبه تعاطفًا واسعًا بين جمهوره. لكنه أيضًا لم يسلم من الجدل، سواء بتعليقاته الجريئة أو مقاطعه التي تمزج بين الطرافة والجرأة، مثل مزاحه المثير حول فوز “الفهد” بالدوري أو مقاطع شكواه العلنية من زوجته أريج، والتي جعلته دائمًا في دائرة الضوء.
ورخصة “موثوق” التي تم شطبها اليوم ليست مجرد وثيقة، بل هي تصريح رسمي يمنح المشاهير الحق في الإعلان التجاري مقابل التزامهم بالقوانين والمعايير الأخلاقية. شطبها يعني عمليًا حرمان الودعاني من مزاولة الإعلانات النظامية، وهو ما يشكل ضربة مالية ومعنوية كبيرة، خاصة في ظل اعتماد معظم المؤثرين على العوائد الإعلانية كمصدر رئيسي للدخل.
الهيئة كانت قد اتخذت في الشهور الماضية سلسلة من الإجراءات التنظيمية الصارمة، شملت إيقاف بعض البودكاستات وإصدار إنذارات ضد محتوى يروّج للتباهي بالثراء أو يقدّم معلومات مغلوطة. وتبدو الخطوة الأخيرة جزءًا من هذه الحملة الواسعة لضبط “الفضاء المؤثر”، الذي صار ساحة حقيقية لصراع بين الحرية والرقابة، بين الترفيه والمسؤولية.
وبينما التزم الودعاني الصمت حتى اللحظة، يتداول المتابعون تساؤلات كثيرة حول مصير مستقبله المهني، وهل سيعود بمحتوى أكثر التزامًا أم يختار الانسحاب مؤقتًا من المشهد؟ المؤكد أن هذه الواقعة ستصبح درسًا فاصلًا في مسيرة المؤثرين السعوديين، ورسالة بأن الشهرة الرقمية لم تعد مجرد ساحة للضحك والمقالب، بل ميدان يخضع لقوانين لا تقل صرامة عن أي مؤسسة إعلامية رسمية.
التدوينة مقلب عبدالله الودعاني في روسيا ظهرت أولاً على المقال نيوز.