خيّم الحزن على العاصمة العراقية بغداد مساء الجمعة 24 أكتوبر 2025، بعد أن فُجع المصلّون بخبر وفاة أحد أبرز أئمتها وخطبائها، الشيخ سعيد شاهر الجبوري، الذي فارق الحياة داخل محراب جامع خالد بن الوليد عقب انتهائه مباشرة من أداء خطبة وصلاة الجمعة.
وبحسب مصدر محلي، فإن الشيخ الجبوري شعر بتعب مفاجئ بعد أن أنهى خطبته الأخيرة التي حملت عنوانًا عميقًا عن التوحيد وحسن الخاتمة والموت المفاجئ، وهي المفارقة التي تركت وقعًا بالغًا في نفوس الحاضرين، إذ لم يكن يعلم أحد أن حديثه عن الرحيل سيكون تمهيدًا لرحيله الحقيقي بعد دقائق قليلة.
وكأنها خطبة وداع
توفي خطيب جامع خالد بن الوليد في بغداد الشيخ سعيد الجبوري بعد نزوله من المنبر لصلاة الجمعة ظهر اليوم وكان هذا آخر ما قاله pic.twitter.com/FxEFIdhFt8
— عثمان المختار (@othmanmhmmadr) October 24, 2025
وقع الحادث داخل الجامع نفسه، وسط ذهول المصلين الذين وقفوا عاجزين أمام المشهد المهيب، فيما سادت حالة من الصمت والحزن العميق بين صفوفهم. وأكد شهود عيان أن الشيخ سقط بهدوء عقب الدعاء الأخير، ليغادر الحياة كما عاشها، بصوتٍ خافتٍ وإيمانٍ راسخٍ لا يترك أثرًا سوى الطمأنينة.
وأصدرت إدارة جامع خالد بن الوليد بيانًا نعت فيه الفقيد، معبّرة عن بالغ الأسى لرحيله المفاجئ، وداعيةً له بالرحمة والمغفرة والجنة، مشيدةً بسيرته الطيبة وعطائه المتواصل في خدمة الدعوة والإرشاد.

عرف الشيخ سعيد شاهر الجبوري بحضوره المؤثر في المشهد الديني البغدادي، حيث تميّز بأسلوبه الهادئ وخطبه التي كانت تمزج بين عمق الفكرة وصفاء الروح. لم يكن صوته مرتفعًا بقدر ما كانت كلماته تخترق القلوب، إذ حمل منبره رسالة إصلاح وتسامحٍ استقطبت مئات المصلين أسبوعًا بعد آخر.
وإلى جانب مكانته في الوعظ والإرشاد، ترك الراحل أثرًا عميقًا في الذاكرة الدينية للعاصمة العراقية، فقد كان مثالًا للعالم المتواضع الذي جمع بين العلم والسلوك، وبين الصدق في القول والإخلاص في العمل. ظلّ قريبًا من الناس، يسمع شكواهم ويواسيهم بكلمة طيبة، حتى صار اسمه مرادفًا للسكينة في بيوت الله.
رحيل الشيخ الجبوري داخل المسجد الذي طالما شهد صوته العذب يُعدّ مشهدًا مؤثرًا يختصر سيرة حياةٍ قضاها في خدمة الدين والمجتمع، ليختمها حيث أحبّ أن يكون — بين محرابه ومريديه، في لحظةٍ صافيةٍ من الذكر والدعاء.
وهكذا، طوى الموت صفحة أحد الأصوات الدينية التي شكّلت وجدان بغداد لعقود، لكنه ترك خلفه إرثًا من الإيمان والذكرى الطيبة، تُردّدها جدران الجامع الذي شهد آخر كلماته وآخر أنفاسه.
التدوينة لحظة وفاة الشيخ سعيد الجبوري (فيديو) ظهرت أولاً على المقال نيوز.