في تحول بالغ الدلالة على ما يمكن أن تؤول إليه مآلات السلطة حين تتبدل موازين القوة، أعلنت وزارة الداخلية السورية يوم الثلاثاء 24 يونيو 2025 عن إلقاء القبض على اللواء موفق نظير حيدر، أحد أبرز الأسماء العسكرية التي ارتبطت بجرائم الحرب والانتهاكات الدموية خلال سنوات الصراع السوري.
من هو اللواء موفق نظير حيدر؟
اللواء حيدر، الذي شغل سابقًا منصب قائد الفرقة الثالثة دبابات في جيش النظام السوري، أُلقي القبض عليه بعد عملية نوعية نفذتها قوات الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، مسقط رأس العديد من رموز النظام السابق، وأحد آخر المعاقل التي كانت تأوي قادة من الصف الأول. حسب ما أطلع “أحداث العرب”.
رجل القطيفة الحديدي وسنوات الدم
اشتهر موفق حيدر بلقب غير رسمي حملته وسائل الإعلام المحلية والدولية على حد سواء: “رجل القطيفة الحديدي”. ويعود ذلك إلى سلطته المطلقة التي فرضها حين تولّى قيادة الفرقة الثالثة، المتمركزة في منطقة القطيفة بريف دمشق، حيث أقام الحاجز العسكري الأشهر في تاريخ النزاع السوري: “حاجز الموت”، الذي تحوّل إلى كابوس دائم للمسافرين والمدنيين القادمين من الشمال السوري نحو العاصمة دمشق.

كان هذا الحاجز عنوانًا للعديد من الروايات السوداء التي تحدثت عن الاعتقال التعسفي، التعذيب الممنهج، التصفيات الميدانية، والمصادرة العلنية لممتلكات المدنيين. كما وردت تقارير موثقة من ناشطين وشهادات لعسكريين منشقين تشير إلى أن حيدر أشرف شخصيًا على عمليات إعدام ميداني لأفراد حاولوا الانشقاق، إضافة إلى التنكيل بالأهالي في مناطق ريف دمشق الشرقي.
من درعا إلى البادية.. جغرافيا البطش
لم تبدأ سيرة حيدر العسكرية في القطيفة، بل تعود جذورها إلى محافظة درعا، مهد الاحتجاجات السورية في عام 2011، حيث شغل آنذاك موقع نائب قائد اللواء 132. ومن هناك، بدأ يراكم سجله في انتهاكات حقوق الإنسان، من خلال إدارة حملات قمع واعتقال طالت المئات من النشطاء والمواطنين، وخاصة خلال الموجة الأولى من الاحتجاجات الشعبية.
اقرأ أيضًا: فضيحة بشار اسماعيل مع منال الاسد | صور
وعلم أحداث العرب، أنه بعد تصعيده في المناصب، انتقل حيدر إلى قيادة الفرقة الثالثة، لتتسع دائرة سلطته وتمتد من الجنوب السوري حتى تخوم البادية، متيحًا له التحكم في مفاصل عسكرية حيوية، والاشتراك في الاقتحامات الميدانية التي نفذها النظام ضد مناطق عدة أبرزها: دوما، حرستا، النبك، يبرود، وريف حمص الشرقي.

تحوّل المشهد.. واعتقال “رأس الحربة”
بحسب بيان الداخلية السورية، فإن عملية الاعتقال جاءت عقب تحقيقات ورصد دقيق لتحركات حيدر، الذي كان يحاول الاختباء تحت هوية مزورة، بعد تفكيك أجنحة النظام القديم في الساحل السوري. ويُعد اعتقاله جزءًا من حملة أوسع تنفذها الإدارة الأمنية الجديدة ضد قادة المرحلة السابقة، لا سيما أولئك المتورطين في زرع الفوضى الأمنية ومفاقمة الانقسامات المجتمعية.
وأكد البيان أن حيدر نُقل إلى إدارة مكافحة الإرهاب للتحقيق معه في عدد من الملفات التي يُشتبه بضلوعه فيها، تمهيدًا لعرضه على القضاء المختص.
محاكمة منتظرة.. وعدالة مؤجلة؟
رغم أن الاعتقال يمثل سابقة نادرة في المشهد السوري، حيث لم يُقدّم حتى الآن عدد كبير من المسؤولين الأمنيين والعسكريين للمحاسبة، إلا أن توقيف موفق حيدر يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الملاحقات القانونية، وربما يُشكّل نواة لتفعيل ملفات العدالة الانتقالية في البلاد.
وعلى جانب متصل، ينتظر السوريون ما ستسفر عنه المحاكمة، وإن كانت ستضع حدًا لمسلسل الإفلات من العقاب، أم أن الملف سيُطوى في أدراج السياسة كما حصل مع غيره.
ظهرت المقالة موفق نظير حيدر ويكيبيديا أولاً على أحداث العرب.