على هامش هذه القضية أتذكر الرسالة التي كتبها الباحث والكاتب ( زكريا الحجاوى ) وأرسلها إلى يوسف السباعى سكرتير مجلس الفنون والآداب عام 1957 والذي أصبح وزيرا للثقافة بعد ذلك وقام بتصحيح الوضع بعض الشيء، ولكن مع مرور السنوات، صارت أحوال الكتاب والباحثين في مصر سيئة للدرجة التي أدت إلى ضعف المُنتج الثقافي فيما يتعلق بأعمال الباحثين والنقاد، لأنهم لا يتقاضون ما يستحقون حين يتم تكليفهم بأعمال بحثية أو نقدية .. ووسط هذا الغلاء: أتساءل: كيف نستطيع إثراء حياتنا الثقافية، ونحن لا نهتم بتصحيح الأوضاع، ونعيد للكاتب والباحث والأديب حقهم المشروع ليشعروا أن جهدهم لا يذهب هباء ؟
كتب د. على الراعي مقالا نشره في صحيفة المساء فى نفس العام ذاكرا ” إن أسباب ضعف المستوى الأدبي يرجع لقلة البحوث المبنية على دراسات مستفيضة، وقال: إن مرجع ذلك يعود إلى خوف الباحث من انشغاله في البحث الذي يحتاج إلى المال والوقت، وهو لا يملك مالا ولا وقتا ،ماله بالكاد يقيم به أوده وعائلته، والوقت يصرفه في أعماله التي تعينه على إنتاج أعمال أدبية مضمونة الجزاء المالي .
ونعود إلى رسالة زكريا الحجاوي التي أشرت إليها ..أكد فيها على ضرورة النظر في أجور الكتاب والباحثين، الذين لا تتعامل معهم الإذاعة- وكانت في ذلك الوقت منبرا مهما – كما تتعامل مع المطربين والموسيقيين، وذكر مثلا صارخا، بأن أجر مؤلف نشيد ” الله أكبر ” وهو النشيد الذي انتشر في كل بقاع الأرض، وكتبه الشاعر ” عبد الله شمس الدين لم يتجاوز جنيهين اثنين !! وذكر ” الحجاوى”ساخرا :إن زوجته كانت تسأله وهو غارق بين أكوام الكتب والأوراق عما تسكت به هؤلاء الزائرين كل أول شهر، فيقول لها : إنني أبحث لك ولأولادك عن المجد، وكان يقرأ في عينيها نفس الذي كان يسمعه سقراط من زوجته : ليتك تعطينا العشاء بدلا من إعطائك الناس الحكمة,
وواصل قائلا في رسالته : وزملائى الكتاب الآخرون الذين بعثوا التاريخ المصري القديم والحديث ، كان شأنهم في ذلك شأني .
وتساءل: أليس لهذه المشكلة حل ؟!
والآن : وبعد مرور أكثر من ستين عاما على رسالة الحجاوي، أتساءل أليس لهذه المشكلة حل ؟
أن ننظم مهرجانا قوميا للمسرح .. وضع أكثر من خط تحت عبارة ( المهرجان القومي للمسرح المصري) ولا توضع في ميزانيته، مستحقات الباحثين والنقاد المُكلفين بأعمال فيه ؟؟
من يرضي بهذا العمل المجاني، إنما يشجع على إهدار حق الكُتاب في الحصول على مستحقاتهم ، ذلك لو أردنا أن نعمل بجد، وبطريقة تحفظ الكرامة، علما بأننا لا نحتج على المبالغ الهزيلة التي نأخذها بعد نشر مقال، أو عمل أدبي أو حتى مكافأة نشر كتاب، ولكن أن نهدر الحق كاملا!! ، ونقول لهم : اعملوا مجانا، واهدروا وقتكم بلا عائد أو تقدير، فتلك مسألة مرفوضه، والاستغناء عن من يطالب بحقه، والاستعانة بمن يرضى، أمر يؤدي في النهاية إلى تهافت وضعف المنتج، هذه هي الحقيقة التي أشار إليها د. على الراعي ، واستحضرتها هنا, وأتمني أن يُعاد النظر في هذا الأمر، بما يحفظ ماء الوجه للجميع، وليس الكتاب فقط .
بقلم: احمد عبد الرازق ابو العالي
ناقد مسرحي
ذقد يهمك أيضا:
كيف قتلت عبير الجبالي ممثلة المسرح التونسية
سبب وفاة المغني التركي فولكان كوناك على المسرح خلال حفله في قبرص
ظهرت المقالة ما السبب فى عدم وجود ميزانية في بند الأبحاث والنقاد المشاركين في جلسات المهرجان القومي للمسرح المصري؟ أولاً على أحداث العرب.