في مشهد أثار موجة من الغضب والحزن، استيقظ العراقيون على نبأ تدنيس قبر صفاء السراي، أحد أبرز رموز ثورة تشرين، في مقبرة وادي السلام، حيث أقدم مجهولون على تهديم القبر والاعتداء عليه بالكامل، في واقعة لاقت استنكارًا واسعًا من الأوساط الشعبية والشبابية.
القبر الذي كان شاهدًا على قصة نضال وسيرة شاب حلم بوطن حرّ، تحوّل إلى ساحة انتهاك، لكن أصوات العراقيين توحدت لتؤكد: “تكدرون تفلشونه… بس صفاء في قلوبنا، ما ممكن تمحونه”.
قبر صفاء السراي: من ساحة التحرير إلى الخلود في الذاكرة
الاعتداء الذي طال قبر صفاء السراي لم يكن موجّهًا فقط إلى قطعة من الحجر أو شاهد قبر، بل إلى ذاكرة كاملة لشابٍ تحوّل إلى أيقونة في وجدان الملايين. في مقبرة وادي السلام، نُفذ الاعتداء ليلاً، بهجوم مباغت ومحاولة طمسٍ لمعلم يرمز إلى أحد رموز تشرين، إلا أن الرسالة الجماهيرية كانت أبلغ: “صفاء خالد… وعالق في القلوب”.
من هو صفاء السراي؟
صفاء السراي، من مواليد 28 يوليو 1993، شاب بغدادي وُلد في حي جميلة ونشأ في حي الشعب. فقد والده في طفولته، ولاحقًا والدته التي رحلت بمرض السرطان عام 2017. رغم قساوة الظروف، واصل تعليمه حتى تخرج مبرمجًا من قسم علوم الحاسبات في الجامعة التكنولوجية.
عاش صفاء حياة الكادحين، وعمل حمالًا ثم كاتب عرائض، قبل أن يلتحق بوظيفة في جامعة أهلية قبل أسبوع من استشهاده. لكن الفن كان جزءًا من روحه، كتب الشعر ورسم لوحات للرموز الوطنية، وشارك في فعاليات ثقافية مثل “أنا عراقي أنا أقرأ”، وكان من عشاق الشاعر الثوري مظفر النواب.
تدنيس قبر شهيد ثورة تشرين صفاء السراي بالاعتداء عليه وتهديمه بالكامل#الشرقية_نيوز pic.twitter.com/hdXCiIVgMH
— AlSharqiya TV – قناة الشرقية (@alsharqiyatv) July 10, 2025
مسيرة احتجاج ونضال
لم يكن صفاء غريبًا على التظاهر، بل كان من أوائل من نزلوا إلى ساحة التحرير عام 2011 ضد حكومة المالكي، وواصل نضاله في تظاهرات 2015 في عهد العبادي، كما شارك في احتجاجات 2013 و2018، رغم تعرضه للاعتقال أكثر من مرة.
كتب قبل استشهاده رسالة مؤثرة إلى الحشد الشعبي، حذر فيها من الزج بهم في قمع المتظاهرين. وفي 28 أكتوبر 2019، أُصيب وسط ساحة التحرير بقنبلة غازية أطلقتها القوات الأمنية، وأُجريت له عملية عاجلة، لكنه فارق الحياة متأثرًا بجراحه.
الوداع الأخير
رغم حظر التجوال، نُقل جثمان صفاء إلى ساحة التحرير فجرًا، وحُمِل تحت نصب الحرية في وداعٍ يليق برمزية ما مثّله. هتف المشيعون باسم والدته “ثنوة” مرددين: “رافع راسه يا ثنوة ابنج”.
ظهرت المقالة شاهد: قبر صفاء السراي ينتهك في العراق.. فمن هو؟ أولاً على أحداث العرب.