في ظل صيف شديد الحرارة وتراجع ملحوظ في إمدادات الغاز، وجدت مصر نفسها مضطرة لاتخاذ خطوة غير معتادة، تمثلت في استيراد كميات ضخمة من وقود الديزل، مما أحدث اضطرابًا ملحوظًا في توازن سوق الطاقة الدولية، وترك أثرًا ملحوظًا في الأسواق الأوروبية تحديدًا.
مع تصاعد الطلب على الكهرباء لمستويات غير مسبوقة هذا الصيف، وتراجع قدرة القاهرة على تأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي، سجلت مصر هذا الشهر واردات قياسية من الديزل تجاوزت 370 ألف برميل يوميًا، بحسب وكالة بلومبرغ، ما يمثل زيادة تُقدّر بـ65% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
التحول السريع نحو الديزل كمصدر بديل للطاقة جاء في وقت حرج، عقب توقف مؤقت للإمدادات الإسرائيلية من الغاز خلال يونيو الماضي، وانخفاض الإنتاج المحلي من الغاز، إضافة إلى محدودية قدرة البنية التحتية المصرية على استيراد الغاز الطبيعي المسال بسرعة وفعالية.
هذه القفزة غير المتوقعة في طلب مصر على الديزل دفعت بالتجار الدوليين إلى إعادة توجيه الشحنات من شمال غرب أوروبا إلى شرق المتوسط، ما أدى إلى انخفاض حاد في المخزونات الأوروبية بمراكز حيوية مثل أمستردام وروتردام.
ويأتي هذا في وقت تستعد فيه القارة الأوروبية لفصل الشتاء، ما يثير مخاوف من تكرار أزمة الطاقة التي عصفت بالقارة في عام 2022، حين واجهت أوروبا شحًّا في الوقود مع تداعيات الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا.
التحول المصري نحو استيراد الديزل يطرح تساؤلات بشأن ما إذا كانت القاهرة بصدد تغيير جذري في استراتيجيتها الطاقوية، أم أن ما يحدث هو مجرد استجابة ظرفية لأزمة مؤقتة. ويرى محللون أن استمرار انخفاض إنتاج الغاز المحلي أو تعثر عودة الإمدادات الإسرائيلية بانتظام قد يدفع مصر نحو الاعتماد طويل الأجل على واردات الديزل، وهو ما سيكون مكلفًا اقتصاديًا وضاغطًا على الميزانية العامة.
لكن في الجانب الآخر، قد تكون هذه الأزمة دافعًا لتسريع الإصلاحات الهيكلية في قطاع الطاقة، عبر تعزيز الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة، ورفع كفاءة منظومة تخزين وتوزيع الغاز، وتقليل الاعتماد على حلول سريعة لكنها باهظة التكاليف مثل الديزل.
ظهرت المقالة قفزة مصرية في واردات الديزل تربك أسواق الطاقة العالمية أولاً على أحداث العرب.