كشف الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، عن تراجع غير مسبوق في عدد السفن المارة عبر القناة، حيث انخفضت الحركة إلى أقل من النصف مقارنةً بما كانت عليه قبل اندلاع الحرب في غزة، في مؤشر يعكس حجم التحديات التي تواجه الممر الملاحي المصري في ظل التوترات الإقليمية المستمرة.
وأشار ربيع، في تصريحات أدلى بها لقناة “العربية”، إلى أن التهديدات المتزايدة في البحر الأحمر، وعلى وجه الخصوص الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثي ضد سفن تجارية مؤخرًا، أدت إلى ابتعاد عدد من كبريات شركات الشحن عن المسار البحري الذي يمر عبر قناة السويس، مفضّلة مسارات أطول رغم ارتفاع التكلفة.
السياسة التسعيرية… لا استثناءات
رغم تلك التحديات، أكد ربيع تمسّك هيئة قناة السويس بمبدأ الحياد الكامل والمساواة بين جميع الدول، موضحًا أن القناة لا تمنح أي دولة إعفاءات أو امتيازات في رسوم العبور، وأن السياسة التسعيرية المعتمدة تستند إلى العدالة التامة بغضّ النظر عن الظروف الجيوسياسية الراهنة.
وفي إطار مساعي الهيئة لاحتواء تداعيات الأزمة، دعا ربيع شركات التأمين العالمية إلى مراجعة قيمة التأمين المفروضة على السفن العابرة للبحر الأحمر، مشددًا على أهمية تخفيف الأعباء لتشجيع الخطوط الملاحية على العودة إلى استخدام قناة السويس.
من التأميم إلى التطوير: مسيرة ممتدة لعقود
وجاءت هذه التصريحات خلال الاحتفال بالذكرى الـ69 لتأميم القناة، المناسبة التي استعرض خلالها رئيس الهيئة أبرز الأرقام والمؤشرات التي تُجسّد مسيرة التحول والتطوير، موضحًا أن القناة حققت منذ التأميم عام 1956 وحتى اليوم عائدات إجمالية تجاوزت 153.4 مليار دولار، مع عبور أكثر من 1.1 مليون سفينة بإجمالي حمولات صافية تُقدّر بـ33 مليار طن.
وتطرّق ربيع إلى أبرز ملامح التحديث الذي شهدته القناة خلال العقود الماضية، مشيرًا إلى أن غاطس الملاحة تطور من 10 أمتار إلى 22 مترًا، فيما قفزت حمولات السفن من 30 ألف طن إلى 240 ألف طن. أما المسارات المزدوجة، فارتفعت من 27.7 كيلومترًا إلى 99 كيلومترًا، ما يعكس التوسعات الكبيرة التي أُجريت لتلبية متطلبات السفن العملاقة الحديثة.
دعم إضافي لخطوط الحاويات
وفي خطوة جديدة لدعم الخطوط الملاحية الكبرى، أعلنت الهيئة تمديد التخفيض الممنوح لسفن الحاويات ذات الحمولة الصافية البالغة 130 ألف طن فأكثر – سواء كانت محمّلة أو فارغة – بنسبة 15% حتى نهاية العام الجاري.
وأوضح رئيس الهيئة أن هذا القرار جاء استجابةً لطلبات عدد من ملاك ومشغلي سفن الحاويات، في محاولة لتحفيزهم على العودة لاستخدام القناة، خاصةً في ظل ما وصفه بـ”الهدوء النسبي” الذي بدأت تشهده المنطقة مؤخرًا.
وفي ظل أزمة مستمرة تهدد استقرار حركة التجارة البحرية العالمية، تسعى هيئة قناة السويس إلى تحقيق توازن صعب بين المحافظة على مكانتها كممر ملاحي استراتيجي، وضمان استمرار التدفقات المالية، دون الإخلال بمبادئ العدالة والسيادة الوطنية.
ظهرت المقالة قناة السويس تحت ضغط الحرب: الملاحة تتراجع والهيئة تتمسك بالحياد أولاً على أحداث العرب.